وصحح النووي في "شرح المهذب" أن ذلك شرط لصحة التيمم وبه جزم في "شرح التنبيه" [المسمى "بتحفة التنبيه" وليس كذلك فستعرف من كلامه هو في مسألة تغير الاجتهاد ما يبطله] (١).
الأمر الثاني: أنه لا حاجة إلى صبهما ولا إلى صب أحدهما في الآخر بل يكفي صب أحدهما فقط؛ لأنه قد تقدم الآن من كلام الرافعي أن العلة فيه هو أنه إذا لم يفعل ذلك يكون قد تيمم ومعه ماء طاهر بيقين، وهذا المعنى ينتفي بما إذا صب أحدهما؛ لأنه إذا صبه احتمل أن يكون الباقي هو الطاهر واحتمل أن يكون هو النجس، فليس معه ماء طاهر بيقين، فإذا لم يكن فلا إعادة لأنها هي العلة في القضاء كما تقدم.
ولهذا المعنى شرط صاحب "الحاوي الصغير" في وجوب القضاء في نحو ما ذكرناه بقاءهما معًا فقال: إن بقيا وهي دقيقة غفل عن سرها ومستندها شراح "الحاوي".
الأمر الثالث: أن النووي قد صحح في كتبه فيما إذا انصب أحد الإناءين أو صبه أنه لا يجتهد، بل يتيمم ويصلي ولا يعيد، سواء أراق الآخر أم لا.
وأنت إذا تأملت هذا الكلام مع ما قاله فيما إذا تحير وجدته في غاية الغرابة لأنه عند التحير لم يكتف بصب أحدهما مع أنه مأمور بصبه غير متعد فيه، فاكتفي به في الموضع الثاني مع تعديه؛ لأن الفرض أنه صبه قبل الاجتهاد وترك الواجب عليه، وهذا كله مما يوضح أن الصواب عند التحير الاكتفاء بإتلاف أحد الماءين.
وقد حكى الجرجاني في "التحرير" في مسألتنا وجهًا أنه يكفي صب