بيت المال وهو محتاج ولم يتعين عليه القضاء فله أن يأخذ من الخصم أجرة مثل عمله، وإن تعين قال أصحابنا: لا يجوز الأخذ، وجوزه صاحب "التقريب". انتهى كلامه.
وما نقله هنا عن الأصحاب من أنه يمتنع على المحتاج الذي لا رزق له أن يأخذ من الخصم، نقله الرافعي قبل هذا بنحو ورقتين ولم يصرح به هاهنا، فنقله النووي إلى هذا الموضع وامتناعه مشكل لجواز أخذه من بيت المال، والحالة هذه فإنه يجوز كما ذكره الرافعي قبل ذلك، فأي فرق بينهما مع اشتراكهما في الحاجة والتعيين؟ ولما ذكره الرافعي قبل هذا قال: إنه فرع غريب ومشكل. فنقله إلى هنا بدون هذا الكلام، وما أشرنا إليه هو وجه إشكاله.
قوله في "الروضة": وأما الهدية فالأولى أن يسد بابها ثم إن كان للمهدي خصومة في الحال حرم قبول هديته في محل ولايته وهديته في غير ولايته كهدية من عادته أن يهدي له قبل الولاية لقرابة أو صداقة ولا يحرم قبولها على الصحيح، فإن زاد المهدي على القدر المعهود صارت هديته كهدية من لم يعهد منه الهدية. انتهى كلامه.
وما ذكره -رحمه الله- في هذا الفصل غلط مخالف لكلام الرافعي من وجوه، فإن الرافعي قد قال: ثم ينظر، فإن كان للمهدي خصومة في الحال حرم قبول هديته، وإن لم يكن له خصومة فإن لم تعهد منه الهدية قبل تولي القضاء حرم قبول هديته في محل ولايته على المشهور خلافًا للغزالي وهديته في غير محل ولايته كهدية من عهد منه الهدية قبل تولي القضاء لقرابة أو صداقة ولا يحرم قبولها؛ وقيل يحرم فإن زاد المهدي على القدر المعهود صارت هديته كهدية من لم تعهد منه الهدية. انتهى موضع الحاجة من كلامه.