فإن هذا الذي ذهب إليه الشافعي، فقد قال الإمام فخر الدين والسيف الآمدي في "المحصول" و"الإحكام" وغيرهما من كتبهما: إنه مذهب الشافعي.
وقال الغزالي في "المنخول": نص عليه الشافعي في الجديد.
نعم استدل الشافعي على إثبات القياس وخبر الواحد بأن بعض الصحابة عمل به ولم يظهر من الباقيين إنكار فكان ذلك إجماعًا، وظاهره المعارضة للنقل السابق وأجاب ابن التلمساني، في "شرح المعالم" بأن السكوت الذي تمسك به الشافعي في القياس وخبر الواحد هو السكوت المتكرر في وقائع كثيرة وهي تبقي جميع الاحتمالات.
قوله: فإن وجد ذلك -أي القول المنتشر- ولم ينقل عن الباقيين موافقة ولا سكوت، فيجوز أن يستدل به على السكوت ويجوز خلافه. انتهى.
واعلم أن الرافعي قد ذكر هذه الصورة في أوائل الفرائض وقال: إنه يترك للقول المنتشر، والحالة هذه القياس الجلي ويعتضد به الخفي.
فهذا الذي ذكره إنما يستقيم على تقدير الاحتجاج به إلحاقًا له بما إذا اطلعوا عليه وسكتوا، وقد رجحه أيضًا في "الروضة" من "زوائده" فقال: المختار أن عدم النقل كنقل السكوت لأنه الأحمل والظاهر.
قوله: ومن الجلي ما ورد النص فيه على العلة كحديث "إنما نهيتكم من أجل الدافة"(١). انتهى.
الدافة: بالدال المهملة والفاء وهي: الطائفة القادمة، وقد تقدم إيضاحه في الأضحية.
قوله: ومنه قياس الشبه، وهو أن تشبه الحادثة أصلين، إما في الأوصاف بأن تشارك كل واحد من الأصلين في بعض المعاني والأوصاف
(١) أخرجه مسلم (١٩٧١) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.