أحال عليه ولا أخذ من جهته بل هو ثابت في ذمة المدعى عليه يلزمه توفيته، ويجوز أن يقتصر فيحلفه على ثبوت المال في ذمته ووجوب التسليم، لأن المدعى عليه لو كان حاضرًا لكان له أن يدعي عليه شيئًا من الجهات المذكورة فيحلفه.
فينبغي للقاضي أن يحتاط له؛ ولذلك يحلف مع البينة إذا كانت الدعوى على صبي أو مجنون أو ميت ليس له وارث حاضر، فإن كان حلف بسؤال الوارث، وهذا التحليف: واجب، وقيل: مستحب. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أنه إذا كان للغائب ومن في معناه كالمتعزر وكيل، فهل يتوقف التحليف على طلب الوكيل أم للقاضي تحليفه من غير طلبه؟ فيه جوابان لأبي العباس الروياني حكاهما عنه الرافعي في الطرف الخامس ولم يرجح منها شيئًا، وتبعه عليه في "الروضة".
الأمر الثاني: أن ما قاله الرافعي من التحليف على وجوب التسليم مُشكل من وجهين:
أحدهما: أن المدعي عليه لو كان حيًا عاقلًا حاضرًا فقال بعد إقامة البينة: حلفه على استحقاقه ما ادعاه، لم يجب إليه؛ لأن فيه قدحًا في البينة، فكيف يحلفه عليه في غيبته؟
لاسيما وقد حلف على أنه ثابت في ذمة المدعى عليه.
وثانيهما: أن المدعى عليه لو كان بالصفات المذكورة وادعى مسقطًا وأراد تحليفه فطلب المدعى أن يحلف أنه يستحق عليه ما ادعاه، لم يمكن منه، بل يحلف على ذلك المسقط، فكيف اكتفى به في حق الغائب؟
وبالجملة: فقد أسقط الماوردي اعتبار ذلك فقال: وأقل ما يجزئه أن يحلف: إن حقه لثابت، هذا كلامه، وهو واضح فتعين العمل به.