وما ادعاه من نفي الخلاف عن الشهادات بالأقارير المبهمة تبعه عليه أيضًا في "الروضة"، وليس كذلك فإن الرافعي قد حكى في كتاب الدعاوى وجهين في ما إذا أقام بينة على أنه أقر له بشيء، أو على أن له عليه مالًا وقالت: لا نعلم قدره، هل يسمع أم لا؟
أحدهما: يسمع، ويرجع في التفسير إليه كما لو أقر به عند القاضي.
وثانيهما: لا، لأن البينة أن تبين.
قوله في "الروضة": وإذا أنكر المدعي عليه أن ما في هذا الكتاب اسمه ونسبه، فالقول قوله بيمينه وعلى المدعي البينة أنه اسمه ونسبه، ولو قال: لا أحلف على أنه ليس اسمي ونسبي، ولكن أحلف على أنه لا يلزمني تسليم شيء إليه، فحكى الإمام والغزالي عن الصيدلاني: أنه يقبل منه اليمين، هكذا كما لو ادعى عليه فرض فأنكر وأراد أن يحلف على أنه لا يلزمه شيء فإنه يقبل، واختارا أنه لا يقبل وفَرّقا بأن مجرد الدعوى ليس بحجة، وهنا قامت بينة على المسمى بهذا الاسم، وذلك بوجوب الحق عليه أن يثبت كونه المسمى. انتهى ما ذكره في هذه المسألة.
وقد بحث الرافعي مع الغزالي والإمام في تفرقتهم بين الفرض وهذه المسألة بحثًا استفدنا منه أمورًا:
منها: أن الراجح من الوجهين ما قاله الإمام والغزالي، وقد صرح بتصحيحه في "الشرح الصغير" فقال: إنه أظهر الوجهين.
ومنها: أنه إذا قال المدعى عليه: لا يلزمني تسليم شيء إليه وأراد الحلف عليه فيمكن منه، وقد جزم به أيضًا في الشرح المذكور.
ومنها: أنه لا فرق بين مسألتنا وبين الفرض، والعبرة بالجواب فيهما