والثاني: عن القاضي الحسين أنها تسمع، لأن البينة قد لا تساعد ويراد استخراج الحق بإقرار المدعى عليه. انتهى كلامه.
والراجح: عدم سماع الدعوى، كذا جزم به في كتاب الدعوى والبينات في الكلام على الطرف الثالث المعقود للحالف، فقال: الثانية حدود الله تعالى لا تسمع فيها الدعوى، ولا يطلب الجواب لأنها ليست حقًا للمدعى ومن له الحق لم يأذن في الطلب، هذا كلامه.
نعم قد ذكر الرافعي ما يقتضي خلافه في موضعين:
أحدهما: في الباب الثاني من كتاب السرقة فقال: ومن رفع إلى مجلس القاضي واتهم بما يوجب عقوبة فللقاضي أن يعرض له بالإنكار ويحمله عليه ولو أقر بذلك ابتداء أو بعد دعوى فكذلك على الصحيح. انتهى.
فقوله أو بعد دعوى صريح في سماعها.
وثانيهما: في الكلام على المخدرة، وهو في آخر باب القضاء على الغائب فإنه صحح أنها لا تخرج للدعوى عليها، ثم استدل على ذلك بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها"(١) وهذا يدل على سماع الدعوى، إلا أنهما ليسا في الصراحة كالأول ووقع الاختلاف المذكور في "الروضة" كما وقع في الرافعي، إلا أنه لم يذكر الاستدلال بقصة أنيس وفي أدب القضاء لابن أبي الدم: أن المشهور عدم سماعها، ثم قال: ولست أرى لسماعها فائدة، فإن فائدة الدعوى طلب اليمين منه إن أنكر، وقد قال ابن القاص: اتفق الشافعي وأبو حنيفة على أنه لا يمين في حد الزنا وشرب الخمر إلا إذا أقر بما يوجب الحد كأن أقر بوطء امرأة أجنبية، ثم ادعى الشبهة، قال الشافعي في اختلاف العراقيين: يحلف بالله ما وطئها إلا وهو يراها حلالًا ويسقط الحد إذا كان