للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعترض النووي -رحمه الله- على هذا البحث الذي ذكره الرافعي، فقال: قلت: ليس كما قال الرافعي -رحمه الله- بل الصواب: أن المرض لا يلحق بالإغماء وإن توقع زواله قريبًا، لأن المريض أهل للشهادة بخلاف المغمى عليه والله أعلم.

وهذا الاعتراض الذي ذكره -رحمه الله- غلط ظاهر ليس فيه ملائمة لبطلان ما يقوله الرافعي، بل يعضد ما يقوله ويقويه، لأن وجود الأصل وهو بصفة الشهادة لا شك أنه أقرب إلى عدم قبول الفرع من الحالة التي يخرج فيها الأصل عن الأهلية بسبب لا تقصير فيه، والمجنون الحاضر تقبل شهادة فرعه ولا شك أن إلحاق الإغماء [بالجنون أقرب من إلحاق المرض الذي لا يزيل العقل، فإذا كنا ننتظر زوال الإغماء] (١) لقربه فانتظار المريض القريب أولى ولا شك أنه يوهم أن مراد الرافعي بإلحاق المرض بالإغماء إنما هو في بطلان شهادة فرعهما لتقدم الكلام فيه.

قوله: فإن شهد اثنان على شهادة أصل وآخران على شهادة الثاني: جاز، ولو شهد فرع على أصل وفرع آخر على شهادة الأصل الثاني: لم يصح، ولم يذكروا فيه خلافًا، ولو شهد فرعان على شهادة الأصلين معًا ففي قبوله وجهان: أصحهما: الجواز. انتهى كلامه.

وما ادعاه من عدم الخلاف قد تبعه عليه في "الروضة" وعبر بقوله لم يصح قطعًا وليس الأمر كذلك، فقد رأيت في "السلسلة" للشيخ أبي محمد الجويني في هذه المسألة قولين، ونقلهما ابن أبي الدم في "أدب القضاء" عن الكتاب المذكور، ونقلهما أيضًا ابن الرفعة عن ابن أبي الدم.

قوله: وإذا قلنا بأنه لا تجوز شهادة الفرعين على شهادة [الأصلين معًا فشهد أربعة على شهادة] (٢) الأصلين، فوجهان: أحدهما: المنع أيضًا لأنهم


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>