قوله: في قولنا: من كذا إلى كذا وكلمتا "من" و"إلى" إذا دخلتا في مثل هذا الكلام قد يراد بهما دخول ما أوردتا عليه وقد يراد خروجه.
نظير الأول: حضر القوم من فلان إلى فلان.
ونظير الثاني: من هذه الشجرة إلى هذه الشجرة كذا ذراعًا انتهى كلامه.
واعلم أن هذه المسألة التى أجملها وهي غاية الابتداء والانتهاء في دخولهما خلاف عند النحاة والأصوليين والفقهاء، وقد بسط الأصوليون كلامهم فيها كما حررته في "شرح منهاج الأصول".
فأما غاية الابتداء فقد اختلفوا فيها على مذهبين، وأما غاية الانتهاء ففيها مذاهب.
أحدها: أن ما بعد الحرف مخالف في الحكم لما قبله أي ليس داخلًا فيه بل محكوم عليه بنقيض حكمه، لأن ذلك الحكم لو كان ثابتًا فيه أيضًا لم يكن الحكم فقهيًا منتهيًا، فلا تكون الغاية غاية وهو محال، وهذا مذهب الشافعي والجمهور كما قاله في البرهان.
والثاني: أنه داخل فيما قبله.
والثالث: إن كان من الجنس دخل وإلا فلا، نحو: بعتك الرمان إلى هذه الشجرة فينظر هل هي من الرمان أم لا؟
والرابع: إن لم يكن معه "من" دخل كما مثلناه فإن كان معه فلا نحو: بعتك من كذا إلى كذا.
والخامس: إن كان منفصلًا عما قبله بفصل معلوم بالحس كقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل}[البقرة: ١٨٧]، فإنه لا يدخل وإلا فيدخل