للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقي الدين ابن الصلاح والشيخ عز الدين بن عبد السلام في أن رائحة المسك للخلوف هل هي في الآخرة فقط أم في الدنيا والآخرة؟ وصنف كل منهما في ذلك تصنيفًا، ولخص النووي في "شرح المهذب" كلامهما.

فالذي قاله الشيخ عز الدين إنهما في الآخرة لأنَّه قد ثبت في مسلم "لخلوف فم الصائم عند الله يوم القيامة" (١) وقال ابن الصلاح فيهما لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "لخلوف فم الصائم حين يخلف" (٢) بفتح الياء وضم اللام روى هذه الزيادة ابن حبان في صحيحه قال: ولما روى الإمام الحافظ أبو بكر السمعاني من حديث جابر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال "أعطيت أمتي في رمضان خمس خصال" ثم قال: "وثانيها أنهم يمسون وخلوف أفواههم عند الله أطيب من ريح المسك" (٣) قال: وهو حديث حسن. ولأن المراد بكونه عند الله أطيب من ريح المسك إنما هو الثناء عليه والرضا به وهو لا يختلف، هكذا فسره خلائق لا يحصون من الشافعية والمالكية والحنفية منهم الخطابي والبغوي وأبو عثمان الصابون وأبو بكر السمعاني وأبو حفص ابن الصغار الشافعيون، وأما رواية يوم القيامة فلأنها محل الجزاء كما قال تعالى: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [العاديات: ١١] انتهى تلخيص ما قاله ابن الصلاح.

قوله: وإنما خص بعد الزوال لأن تغير الفم بسبب الصوم حينئذ يظهر. انتهى كلامه.

وهذا المعنى الذي ذكره يلزم منه التفرقة بين من تسحر ومن لم يتحر وبين من تناول بالليل شيئًا وبين غيره، ولهذا قال الطبري في "شرح التنبيه" أو تغير


(١) صحيح مسلم (١١٥١).
(٢) عند ابن حبان (٣٤٢٤).
(٣) أخرجه البيهقي في "الشعب" (٣٦٠٣) من حديث جابر، وضعفه الألباني -رحمه الله تعالى-.

<<  <  ج: ص:  >  >>