للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: الخامسة الأفضل أن يجمع بين الماء والحجر أو ما في معناه فقد أثنى الله تعالى على أهل قباء بذلك وأنزل فيه قوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} (١) الآية، وفيه من طريق المعنى أن العين تزول بالحجر والأثر بالماء فلا يحتاج إلى مخامرة عين النجاسة وهي محمومة. انتهى كلامه.

فيه أمور:

الأول: أن فحوى كلامهم تصويرًا وتعليلًا يدل على أن استحباب الجمع يختص بالغائط، وقد رأيته مجزومًا به في "كتاب محاسن الشريعة" للقفال الكبير الشاشي وهو ظاهر فتأمله، لكن رأيت في "التقريب" لسليم الرازي التصريح بأنه لا فرق، ورأيت في "عقود المختصر" للغزالي نحوه أيضًا.

الأمر الثاني: أن المعنى وسياق كلامهم يدلان على الاكتفاء في هذا الاستحباب بما دون ثلاثة أحجار إذا حصلت إزالة العين.

الثالث: إذا لم نجوز الحجر في المجاوز والنادر ففي كلام "المهذب" وشرحه إشارة إلى أنه لا يستحب الجمع والمتجه الاستحباب. ويلزم القول به أيضًا في سائر النجاسات نظرًا للمعنى السابق.

الرابع: أن التعليل بقلة مخامرة النجاسة يقتضي أنه لا تشترط الطهارة في هذا الحجر خصوصًا عند فقدان الطاهر، وقد رأيت التصريح بعدم اشتراطه مطلقًا في كتاب "الإعجاز" للجيلي نقلًا عن الغزالي في بعض كتبه.

الخامس: أن هذا الحديث الذي ذكره الرافعي قد رواه البزار في مسنده من رواية ابن عباس لكن بإسناد ضعيف (٢) ولفظه: "فسألهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -


(١) سورة التوبة (١٠٨).
(٢) قال الهيثمي: فيه محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري، ضعفه البخاري والنسائي وغيرهما وهو الذي أشار بجلد مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>