امرأة ثم قال ما نصه: فإن قيل: إذا أنزل المني فهلا عد هذا مما يقتضي الجنابة المحضة؟ قلنا: المني لا يتصور خروجه وحده بل يخرج معه رطوبة يتعلق بخروجها وجوب الوضوء هذه عبارته، ذكر ذلك في آخر باب ما يوجب الغسل، وتابع الغزالي فيه إمامه على عادته، ثم إن الإمام عقب ذلك حكى الخلاف في أن من أحدث وأجنب يكفيه الغسل أم لابد من الوضوء معه؟ ثم قال: والذي أراه أن الذي لا يدرج الوضوء تحت الغسل، إنما يقول ذلك إذا تميز الحدث عن الجنابة فأما إذا كان انتقاض الوضوء يتقدم كالمس المتصل بالوقاع فالأظهر الاندراج انتهى. ويلزم من إندراج الوضوء في هذه الصورة التي ذكرها الإمام أن يندرج أيضًا في المقارن وهو خروج المني بطريق الأولى.
فتخلص مما قاله الإمام أن الوضوء لا يجب في خروج المني جزمًا مع القول بأنه ناقض، وذكر مثله القاضي أبو الطيب فإنه صرح في "شرح الفروع" بكونه ناقضًا مع أنه في تعليقه في مسألة من وجب عليه وضوء وغسل قد صور الجنابة المجردة بإنزال المني كما سبق وصرح أيضًا بكون المني ناقضًا ابن سريج في كتاب الودائع وإطلاق الشافعي في "الأم" يقتضيه فإنه قال: ودلت السنة على أن الوضوء من المذي والبول مع دلالتها على الوضوء من خروج الريح فلم يجز إلا أن يكون جميع ما خرج من ذكر أو دبر رجل أو امرأة أو قبل المرأة موجبًا للوضوء ثم قال: وكل ما خرج من واحد من الفروج ففيه الوضوء انتهى.
وجزم الماوردي بأن الحيض ناقض للوضوء ونقل الإجماع عليه مع أنه ناقض للطهارة الكبرى كالمني. ونقل ابن عطية في "تفسيره" الإجماع على أن المني ناقض للوضوء، واستدلال الرافعي على عدم النقض بأن الشئ مهما أوجب إلى آخره قد تعقبه الماوردي بالحيض واستشهاده بالزنا غير