المقدار الذى يجب فيه الطلب عند التحقق، وهو المسافة التى يسير إليها المسافرون للرعى والاحتطاب ونحوها من حاجاتهم فقول الماوردى: إنه يجب عند التوهم في المقدار الذى يجب فيه القصد عند التحقيق مقتضى لعدم ضبطه بما قاله الإمام وهو مسافة الغوث فإنه أوجب الطلب في ما فوقها أيضًا، ولهذا قال الماوردى أيضًا فيما إذا كان سائرًا وعلم أنه يصل الماء في آخر الوقت إن كان في منزله الذى هو فيه عند دخول الوقت كان تأخير الصلاة إلى استعمال الماء واجبًا، لأن المنزل كله محل للطلب، وإن كان تيقنه لوجود الماء في غير منزله كان تأخير الصلاة مستحبًا.
قوله: الحالة الثالثة: أن يتيقن وجود الماء حواليه وله ثلاث مراتب: الأولى: أن يكون على مسافة يسير إليها النازلون للاحتطاب والاحتشاش والرعى فيجب السعي إليه، وهذه المسافة فوق حد الغوث. قال محمد بن يحيى: لعله يقرب من نصف فرسخ. انتهى.
وهذا الضابط الذى ذكره وتبعه عليه في "الروضة" قد ذكر في المسألة التى بعدها ما يخالفه فقال ما حاصله: أن القدر الذى يسير إليه المسافرون لأغراضهم يختلف صيفًا وشتاءً وتؤثر فيه وعورة المكان وسهولته والمعتبر من ذلك هو الوسط المعتدل لا الحال الذى هو فيه وحذف النووي ذلك.
قوله: المرتبة الثانية: أى من مراتب تيقن الماء: أن يكون بعيدًا عنه بحيث لو سعى إليه لفاته فرض الوقت فيتيمم ثم الأشبه بكلام الأئمة أن الاعتبار في هذه المسافة من أول وقت الصلاة الحاضرة: لو كان نازلًا في ذلك الموضع ولا بأس باختلاف المواقيت في الطول والقصر ولا باختلاف المسافة في السهولة والصعوبة، فإن كان التيمم لفائتة أو نافلة اعتبر بوقت الفريضة الحاضرة وعلى هذا لو انتهى إلى المنزل في أخر الوقت والماء في حد القرب وجب قصده