أحدها: أن هذا الكلام في الرافعي يقتضي أن مسألة الجماعة فيها ثلاث طرق مفروضة أيضًا في حالة الظن لا في حالة اليقين وإلا لم يحسن الاستدلال، وبه صرح البندنيجي وابن الصباغ وغيرهما من العراقيين وكلامه في "الروضة" لا يدل على ذلك، فإن جعلها مسألة مستقلة ولم يتعرض إلى الاستدلال بما على تلك فقال: أما تعجيل المتوضئ وغيره الصلاة في أول الوقت منفردًا وتأخيرها لانتظار الجماعة ففيه ثلاث طرق قيل: التقديم أفضل، وقيل: التأخير، وقيل: قولان.
قلت: قطع معظم العراقيين بأن التأخير للجماعة أفضل، ومعظم الخراسانين بأن التقديم منفردًا أفضل، وقال جماعة: هو كالتيمم فإن تيقن الجماعة في آخر الوقت فالتأخير أفضل، وإن ظن عدمها فالتقديم أفضل، وإن رجاها فقولان فينبغي أن يتوسط فيقال: إن فحش التأخير فالتقديم أفضل وإن خف فالتأخير أفضل، وموضع الخلاف إذا اقتصر على صلاة واحدة فأما إذا صلى أول الوقت منفردًا وآخره في جماعة فهو النهاية في إحراز الفضيلة وقد جاء به الحديث في صحيح مسلم.
هذا كلامه في "الروضة" ولا يؤخذ منه ما يؤخذ من كلام الرافعي من كون هذه الطرق مفروضة في حال الظن بل يؤخذ منه أن الطريقين الأولين عامان وإلا لم يحسن الطريق الثالث المنفضل وهو فاسد بلا شك فكيف يقطع بأن التأخير أفضل عند [ظن](١) الحصول، ولو عبر في الطريق الثالث بقوله: وقيل على القولين في التيمم لكان كلامه مستقيمًا مطابقًا لكلام الرافعي وحينئذ يكون التفصيل بين الفحش وعدمه راجعًا إلى حالة ظن