للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرمين ويمكن أن ينازعهم في الاستحباب، ويقول لا يجوز العدول عما يتمكن منه للطهارة انتهى كلامه بحروفه.

وهو كلام عجيب يخالف بعضه بعضًا؛ لأنه ادعى أولًا عدم المنافاة [بين الكلامين] (١) مع أن الإمام والغزالي قائلان بأن الإعطاء لا يجوز والأكثرون قائلون: بأن الإعطاء يستحب على هذا التقدير وهو الملك.

وأى التئام بين هذين ثم إنه كيف يستحب للمالك أن يبذل ماءه وقد ذكر هو وغيره أن المالك لا يجوز له اعطاؤه لأحد غير العطشان وهو مما لا خلاف فيه.

وبالجملة فهذا الغلط إنما حصل من اختصار النووي، وأما كلام الرافعي فصحيح، فإنه جمع بينهما بأن الانتهاء إلى الماء إن حصل معه الاستيلاء والإحراز ملكوه وهو مراد الإمام والغزالي، وإن لم يحصل معه ذلك فلا ملك، وفيه تكلم الأَكثرون وقالوا يستحب لغير الأحوج ترك الإحراز للأحوج حتى لو أحرز امتنع البذل، ثم أورد أعني الرافعي السؤال المذكور في "الروضة" فقال في الجمع بينهما ما نصه ولا منافاة بين الكلامين؛ لأن هؤلاء أي أكثر الأصحاب أرادوا التقديم على سبيل الاستحباب وكأنهم يقولون: مجرد الانتهاء إلى الماء المتاح لا يقتضي الملك، وإنما يثبت الملك بالاستيلاء والإحراز و [فيستحب لغير الأحوج ترك الإحراز والإستيلاء إيثارًا للأحوج] (٢) هؤلاء يسلمون أنهم لو لم يفعلوا ذلك واستولوا عليه وازدحموا لكأن الأمر على ما ذكره الإمام والغزالي، هذا كلام الرافعي، وهو صحيح لا إشكال فيه والإشكال الذي ذكره ظاهر، فإن إطلاقهم يقتضي أن المالك لو وهب لغير الأحوج لكان يجب عليه القبول، فكذلك ما نحن فيه.

قوله: الثانية لو أدرج الماء في رحله من غير شعوره به فتيمم على اعتقاد


(١) سقط من ب.
(٢) سقط من أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>