ذكر نحوه في "الروضة" والوقوف على حقيقته موقوف على مقدمة وهي: أن الكلام في المسح يفرض في مسألتين.
إحداهما: ما يقرب من العليل، فإذا خاف من غسله انتشار الماء وضع بقرب الجراحة خرقة مبلولة وتحامل ليقطر منها ماء يغسل الصحيح الملاصق للجريح، فإن لم يمكنه ذلك فقد نص الشافعي على إمساسه بالماء فقال: إن خاف لو أفاض الماء إصابة الجريح أمس الماء إمساسًا لا يفيض، وأجزأه ذلك إذا أمس الشعر والبشرة هذا لفظه في "الأم"، وجزم به أيضًا صاحب "التهذيب" و"البحر" وغيرهما.
المسألة الثانية: مسح العليل نفسه وقد جزم الأصحاب بعدم وجوبه ونقلوا فيه الاتفاق وعللوه بما ذكره الرافعي، وقد ذكر في "شرح المهذب" جميع ما ذكرته، وذكره أيضًا في "التحقيق" مختصرًا فقال: ولا يجب مسح الجرح بماءٍ وإن لم يضره ثم قال: فإن خاف انتشار الماء وضع بقرب الجرح خرقة مبلولة وعصرها فإن تعذر أمسه بلا إفاضة نص عليه وجزموا به هذه عبارته.
إذا علمت جميع ما ذكرناه علمت أن النص الوجب للمسح ليس محله في المسألة الثانية، وإنما محله في الأولى ولم يذكرها الرافعي بالكلية أعني الأولى غير أن إيجابه فيها يقتضي إيجابه في الثانية أيضًا لاشتراكهما في المعنى وهو الإتيان بالمقدور عليه فلهذا عبر الرافعي بقوله مسافة الوجوب، وليس هذا موضع ذكره أي أن الشافعي لم ينص عليه في هذه المسألة، وإنما نص عليه في نظيرها وذلك يسوق إلى الوجوب في هذه هذا هو معنى كلامه فتفطن له فإنه من الأمور المهمة.