مذكور في أكثر كتب الشافعية وهو عمدتهم فيما ذهبوا إليه، والاستدلال به غريب، فإنه ليس فيه دلالة البتة، بل وليس على محل النزاع، فإن النزاع إنما هو في الوقت الجائز لا في الوقت المختار، وجبريل -عليه السلام- إنما بين الوقت المختار ولم يبين الوقت الجائز، ولذلك قالوا: إن الصبح يشتمل على وقت اختيار وهو ما بينه جبريل ووقت جواز وهو ما عدا ذلك إلى الإسفار.
وذكروا أيضًا مثله فى "العصر وكذلك في العشاء وقالوا: إن وقت الظهر جميعه وقت اختيار؛ لأنه ليس فيه وقت خارج عما بينه، وإذا تقرر أن جبريل إنما بين الوقت المختار وسكت عن الوقت الجائز فيكون الوقت المختار للمغرب لا يمتد إلى غروب الشفق بل مضيقًا وهو المسمى بوقت الفضيلة ونحن نسلم ذلك، وأما الوقت الجائز وهو محل النزاع فليس فيه تعرض له.
وما ذكرناه من أن وقت الفضيلة هو وقت الاختيار في المغرب هو الصواب وحكى في "شرح المهذب" وجهًا أن وقت الاختيار يمتد إلى نصف الوقت، وجزم به ابن الرفعة في "الكفاية" ونقله عن الأصحاب ويدفعه ما نقله الترمذي عن العلماء كافةً من الصحابة فمن بعدهم من كراهة تأخير المغرب.
الأمر السادس: أن حديث بريدة الدال على اتساع وقت المغرب قد رواه مسلم في صحيحه، والحديث الذي بعده قد صرح الرافعي بأنه في الصحيح، وهو كذلك، فإن مسلمًا رواه أيضًا بألفاظ مختلفة، وأما حديث بيان جبريل فقد سبق.