أحدها: أن تعبيره بالمسجد جرى فيه على الغالب وإلا فالأوجه إلحاق المدارس والربط وسائر أمكنة الجماعة بذلك، ويدل عليه ما رواه البخارى عن أبي ذر أن مؤذن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أراد أن يؤذن وكان في سفر فقال له: أبرد قال: حتى ساوى الظل التلول (١).
وفي "صحيح أبي عوانة": أن بلالًا أراد أن يؤذن. وفي آخر الحديث: ثم أمره وأقام، ونقل البيهقي عن رواية غندر أنه أمره بذلك بعد التأذين.
الأمر الثاني: إنه وقع في "المنهاج" حكاية الخلاف فيمن قربت منازلهم وفي جمع لا يأتيهم غيرهم وجهين والمعروف أنه قولان كما وقع هنا.
الثالث: إن تقييده بقوله لا يأتيهم غيرهم. يقتضي أن المقيمين في المسجد كالمقيمين الآن في المسجد الحرام بمكة والحاضرين فيه في أول الوقت اتفاقًا يستحب لهم الإبراد تبعًا لغيرهم وهو واضح لا شك فيه، وكلام الشافعي أيضًا يدل عليه، ويؤيده أن بيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان في المسجد وكان يبرد بالناس وفيهم أهل الصفة المقيمون في المسجد.
نعم: سبق في التيمم أن المنفرد الراجي للجماعة في أثناء الوقت يستحب أن يصلي أيضًا منفردًا ثم يأتي بها مع الجماعة، وقياسه هنا كذلك إلا أن ذلك لم ينقل عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الأمر الرابع: لم يستثن المصنف من استحباب تعجيل الصلاة إلا ما تقدم مع أنه يستثني أيضًا المسافر فإنه يستحب له إذا كان سائرًا في وقت الأولى أن يؤخرها إلى وقت الثانية، وكذلك الواقف بعرفة فإنه يستحب له تأخير المغرب ليجمعها مع العشاء بمزدلفة وإن كان وقت وجوبها نازلًا, وكذلك المقيم بمنى للرمي يستحب له تأخير الظهر عنه كما تعرفه في الحج ومن يدافعه الحدث أو يحضره طعام يتوقف إليه وغيره مما يأتي في