وحينئذ فيلزم من دعواه عدم الخلاف في مدة الجنون المقارنة للسكر عدم الخلاف ليس كذلك، بل اختلف الأصحاب في زمن الردة المقارنة للجنون هل يجب قضاء ما فات فيها أم لا؟ على وجهين: وحينئذ فليزم جريان عدم الوجوب مدة السكر المقارنة للجنون بطريق الأولى.
وهذا الخلاف قد صرح به الإمام في آخر سجود السهو، وذكره الرافعي في نظير المسألة من الصوم وهو ما إذا ارتدت ثم حاضت.
الأمر الثاني: أن النووي في "الروضة" و"التحقيق" وغيرهما قد وافق الرافعي على وجوب قضاء زمن الجنون المقارن للسكر، وصرح في "شرح المهذب" بما يخالفه فقال: فرع: لو سكر ثم جن ثم أفاق وجب قضاء المدة التي قبل الجنون، وفي مدة الجنون وجهان مشهوران الأصح لا يجب؛ لأنه ليس بسكران في مدة الجنون بخلاف الردة هذه عبارته، وهي تدل على ما قلناه، وإن كان التعليل قاصرًا موهمًا لخلافه والمذكور في "الكفاية" كما في الرافعي، وهو الصواب المعروف، ولا يلتفت لما وقع في "شرح المهذب" فإنه سهو أو تحريف في التعبير أو مؤول ويدل عليه التعليل وقد صرح أيضًا في الشرح المذكور بالاتفاق على أن الفائت في زمن جنون المرتد يجب قضاؤه، وكلاهما مردود أما الأول قلما عرفت، وأما الثاني ففيه وجهان أيضًا رأيتهما في كتاب "الاستذكار" للدارمى، فقال: وإن حاضت في ردتها فوجهان، هذه عبارته.