والماوردي والمحاملي والجرجاني، وقد ادعى النووي في "شرح المهذب" أنه يجتهد في الخلقي بلا خلاف، وليس كذلك، فقد حكى ابن الرفعة عن القاضي أبي الطيب أنه لا يجتهد.
واعلم أنه لو بنى حائلًا من غير ضرورة ولا حاجة ومنعه المشاهدة لم تصح صلاته أى بالاجتهاد لتفريطه، كذا نقله في "النهاية" عن العراقيين وهي مسألة حسنة.
قوله: ومحراب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نازل منزلة الكعبة، فمن يعاينه يستقبله، ويسرى محرابه عليه بناءً على العيان والإستدلال كما ذكرنا في الكعبة، ولا يجوز العدول عنه بالإجتهاد وكذا المحاريب المنصوبة في بلاد المسلمين، هذا كلامه في الجهة، وهل يجوز الإجتهاد فيها بالتيامن والتياسر إن كان محراب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يجز بحال، ولو تخيل حاذق في معرفة القبلة فيه تيامنًا أو تياسرًا، فليس له ذلك وخياله باطل، وأما سائر البلاد فيجوز على الأصح. انتهى ملخصًا.
واعلم أن الشيخ محب الدين الطبري قد أثار في شرحه "للتنبيه" بحثًا ينبغي أن يعلم، فقال: فإن قيل: محرابه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عين الكعبة، إذ لا يجوز فيه الخطأ، فيلزم بما قلتم ألا تصح صلاة من بينه وبينه من أحد جانبيه أكثر من سمت الكعبة إلا مع الانحراف، قلنا: من أين لكم أنه على عين الكعبة، فيجوز ألا يكون على عين الكعبة، فيجوز ألا يكون كذلك، ولا خطأ بناء على أن الفرض الجهة.
نعم: إن ورد في الصحيح أنه نصب على العين فيكون مقتضى الدليل ما ذكرتموه على القولين.