وأما الذي مثل له فإنه واضح، وصورته: أن يكون لا يحسن القنوت ولا التشهد فإنه يستحب له أن يقف ويجلس بقدرهما كما قاله في باب صفة الصلاة من "الكفاية"؛ وحينئذ فإذا ترك ذلك سجد للسهو كما ذكره في الباب المذكور، وفي باب سجود السهو أيضًا.
وما ذكره يدل على أن التشهد والقنوت إنما يشرع السجود لتركهما إذا كان التارك يحسنهما، ولو قيل بخلافه لم يبعد نظرًا إلى أن التارك من حيث الجملة محتاج إلى الجبر.
وخالف في "الإقليد" ما ذكره ابن الرفعة فقال في "التحقيق": إن القيام للقنوت لا يعد من هذه الجملة لأن القنوت يشرع في قيام مشروع لغيره وهو ذكر الاعتدال؛ ولهذا لا يقف من لا يعرف القنوت بقدر القنوت، والتشهد شرع جلوسه مقصودًا في نفسه، ولهذا يجلس من لا يعرف التشهد بقدره. هذا كلامه.
الأمر الثالث: في تصوير السجود لترك الصلاة على الآل في التشهد الثاني بأن السجود محله قبل السلام، وحينئذ فإن لم يسلم صلى على الآل، ولا سجود، ولا ترك، وإن سلم فات المحل.
والجواب: أنه يتصور بما إذا صلى مأمومًا وتيقن ترك إمامه لذلك، وهذه الصورة لا إشكال فيها، وقد تصور أيضًا بصورتين للنظر فيهما مجال.
إحداهما: إذا سلم ناسيًا للترك فإن المتجه أن يسجد كما أطلقوه، وإن كان يحتمل أن يقال: إذا سجد كان عائدًا إلى الصلاة كما صححوه؛ وإذا عاد فيأتي بها لأن محلها باقٍ وهو القعود.
وإذا أتى بها فلا سجود فيؤدي السجود إلى عدم السجود، وذلك دور.