للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن هذا الذي ذكره من تصحيح طريقة القطع سهو على العكس مما ذكره الرافعي، فإن الرافعي في الشرحين: "الكبير" و"الصغير" إنما صحح طريقة القولين، وأما طريقة القطع فلم يحكها بالكلية فضلًا عن تصحيحها، وحكى باقي الطرق إلا أن في مطابقة الطريق الثالثة أيضًا لكلام الرافعي نظر؛ وقد أثبت في "التحقيق" و"شرح المهذب" طريقة القطع، ولكنه ضعفها، وصحح طريقة القولين على عكس ما في "الروضة" وعبر في "شرح المهذب" بقوله: إنها الأصح الأشهر التي قالها الجمهور.

الأمر الثاني: أن الرافعي والنووي قد أطلقا الخلاف وليس كذلك، بل محله إذا أمن الإمام، فإن لم يؤمن فيستحب للمأموم الجهر به بلا خلاف ليسمع الإمام فيأتي به، سواء تركه الإمام عمدًا أو سهوًا، كذا صرح به النووي في "شرح المهذب" ونقله عن النص، وعبر بقوله: إنهم قد اتفقوا عليه، وإنه ليس فيه خلاف.

وعن صاحب "الذخائر" أن بعضهم أجرى القولين فيه.

قوله: لنا ما روي عن عطاء قال: كنت أسمع الأئمة، وذكر ابن الزبير ومن بعده يقولون: آمين ونقول، من خلفهم: آمين، حتى إن للمسجد للجة (١) انتهى.


(١) أخرجه البخاري تعليقًا والشافعي (٢١١) وعبد الرزاق (٢٦٤٠) والبيهقي في "الكبرى" (٢٢٨٥) موصولًا.
قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: قلت: ليس في تأمين المؤتمين جهرًا سوى هذا الأثر ولا حجة فيه لأنه لم يرفعه إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد جاءت أحاديث كثيرة في جهر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليس في شيء منها جهر الصحابة بها وراءه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن المعلوم أن التأمين دعاء والأصل فيه الإسرار لقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} فلا يجوز الخروج عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح وقد خرجنا عنه في تأمين الإمام جهرًا لثبوته عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ووقفنا عنده بخصوص المقتدين ولعله لذلك رجع الشافعي عن قوله القديم فقال في "الأم" (١/ ٦٥): "فإذا فرغ الإمام من قراءة القرآن قال: آمين ورفع بها صوته ليقتدي بها من خلفه فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم ولا أحب أن يجهروا بها فإن فعلوا فلا شئ عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>