ووجه الإسرار بحضرة النساء احتمال الرجولية، وقد استفدنا مما ذكره في الكتابين الجزم بأن الرجل يسر إذا صلى بحضرة نساء أجانب متمحضات، أو مع رجال لأنه إذا أسر الخنثى لهذا الاحتمال فالمحقق الرجولية أولى.
ووجهه خشية افتتان النسوة كما في العكس، والذي قاله مردود؛ فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والأئمة الراشدين ثم من بعدهم إلى زماننا كانوا يجهرون مع اقتداء النساء بهم، ولم يستثن أيضًا أحد من الأصحاب هذه الحالة، بل كلامهم كالصريح في دفعه، فلتكن الفتوى على المذكور في "الروضة".
قوله أيضًا من زياداته: وأما نوافل الليل فقال صاحب "التتمة": يجهر، وقال القاضي حسين، وصاحب "التهذيب": يتوسط بين الجهر والإسرار، وهو الأصح، وتستثنى التراويح فإنه يجهر فيها. انتهى.
وذكر في التحقيق أيضًا مثله، وفيه أمران:
أحدهما: أن الوتر وارد على كلامه، فإنه يجهر فيه بلا خلاف كما صرح به الماوردي في "الحاوي" قبل صلاة الجماعة بدون ورقة في أثناء الاستدلال على أن أقل الوتر واحدة ردًا على مالك، وأبي حنيفة فقال ما نصه: ثم الذي يدل على ما قلناه اتفاق الجميع على أن الثلاث ركعات يجهر فيها بالقراءة، فلو كان حكمها حكم الصلاة الواحدة لكان من حكمها أن يسر الثالثة كالمغرب. انتهى كلامه.
وذكر الروياني في "البحر" في الموضع المذكور مثله أيضًا، ونقل ابن الرفعة عن الماوردي أن الإجماع على الجهر فيه، وليس كذلك، بل مراد الماوردي الأئمة الثلاثة فقط، كما دلت عليه عبارته التي ذكرتها، والاتفاق على الجهر في مثل هذا غريب مخالف لما عداه من نوافل الليل، وقد استثناه النووي أيضًا في "شرح المهذب" وغيره، وكذلك في "التبيان"، ونقل