للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بالعاجن هو عاجن الخمير. انتهى.

ومقتضى ما قاله من أن المراد عاجن الخمير أنه يقبض يديه، وقد صرح به الغزالي في درسه كما نقله عنه ابن الصلاح في "مشكل الوسيط" فقال بعد ذكره للحديث: هذا حديث لا يعرف، ولا يصح، ومن غالط في لفظه يقول: العاجز بالزاي، ومن غلط في معناه غير غالط في لفظه يقول: هو بالنون، وأن المراد عاجن الخمير فيقبض أصابع كفيه ويضمها ويتكئ عليها، ولا يضع راحته.

وقد نقل عن الغزالي في درسه أنه أثبت الوجهين هكذا، وعمل به كثير من عامة العجم وغيرهم.

والحديث لم يثبت ولو ثبت لم يكن ذلك معناه، فإن العاجز في اللغة هو الرجل المسن الذي إذا قام اعتمد على الأرض بيديه من الكبر وأنشدوا:

فأصبحت كنتيًا وأصبحت عاجنًا ... وشر خصال المرء كنت وعاجن

فإن كان وصف الكبير بذلك من عاجن العجين بالتشبه في شدة الاعتماد عند وضع اليدين لا في كيفية ضم أصابعهما. انتهى كلام ابن الصلاح ملخصًا.

ونقل النووي في "شرح الوسيط" ما ذكرناه عن الغزالي، ثم أنكره عليه وذكر نحوه في "شرح المهذب" وقال: إنه يبسط يديه بلا خلاف، ولم يتعرض في "الروضة" للمسألة بالكلية، وهو غريب.

واعلم أن ابن الأثير في "النهاية" قد ذكر ما ذكره الرافعي فقال في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: "إنه كان يعجن في الصلاة" [أي يعتمد] (١) فقيل له: ما هذا؟ فقال: رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعجن في الصلاة (٢)، أي يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يعجن العجين


(١) سقط من جـ.
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط (١٠٠٧) وحسنه الألباني -رحمه الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>