للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إذا أراد الإمام أن يتنفل في المحراب فينفتل عن يمينه، وفي كيفية استقباله لهم وجهان في "شرح المهذب" حكاهما الجيلي فيما سبق نقله عنه، وهو الدعاء قائمًا، وعبر في "التحقيق" بالجلوس فقال: أصحهما: أنه يجلس على يسار المحراب بأن يدخل يساره فيه، ويمينه إلى الناس ثبت ذلك في مسلم (١)، وقيل: على يمينه بأن يجعل يمينه فيه ويساره إلى الناس، وقال الإمام: لم يصح فيه شئ ولا أرى فيه إلا التخيير.

الأمر الثاني: أن الشافعي قيد استحباب الإكثار بالمنفرد والمأموم فقال: وأستحب للمصلي منفردًا والمأموم أن يطيل الذكر بعد الصلاة، ويكثر الدعاء رجاء الإجابة بعد المكتوبة، هذا لفظ الشافعي، وقد نقله عنه في "شرح المهذب" ولم يخالفه، وهو يخالف إطلاق "الروضة".

نعم لقائل أن يقول: يستحب أن يختصر فيهما بحضرة المأمومين، فإذا انصرفوا طول، وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى.

قوله في "الزيادات" أيضًا: ويسن الدعاء بعد السلام سرًا إلا أن يكون إمامًا يريد تعليم الحاضرين. انتهى.

وما ذكره الصنف من تقييد الدعاء بالسر دون الذكر يقتضي أنه يجهر به -أعني بالذكر- كما هو المعتاد، وليس كذلك فقد نص الشافعي والأصحاب على أن حكم الذكر في ذلك حكم الدعاء، وقد نبه عليه في "شرح المهذب".

قوله فيها أيضًا: قال أصحابنا: يستحب إذا أراد أن يتنفل عقب الفريضة أن ينتقل إلى بيته فإن لم يكن فإلى موضع آخر. انتهى.

واعلم أن علة الانتقال كما قاله الأصحاب شهادة المواضع له بالعبادة.

وقد ورد في تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} (٢) أن


(١) أخرجه مسلم (٧٠٨) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٢) سورة الدخان (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>