أحدهما: أن كلامه يقتضي الجزم بالاجتهاد في الصحراء، وقد تابعه النووي في "الروضة" عليه، ثم خالفه في "شرح المهذب" فقال: ذهب الجمهور إلى أنه لا يجتهد في الصحراء.
وقال البغوي: يجتهد. وهو شاذ. هذا كلامه. وهو اختلاف عجيب، وأشار الرافعي بالبيت والبساط ونحوهما إلى المحل الصغير وبالصحراء إلى الواسع، وبه صرح في "المهذب"، وغيره، حتى لو كان البيت والبساط كبيرين كانا كالصحراء، وإذا جوزنا الصلاة في المكان المتسع فله أن يصلي في جميعه إلى أن يبقى موضع قدر النجاسة، كذا حكاه في "شرح المهذب" عن المتولى، وحكى في "الروضة" في نظيره من الأواني وجهين:
أصحهما: كذلك.
والثاني: إلى أن يبقى عدد لو كان عليه ابتداء لم يكن له أن يجتهد وهو العدد المحصور.
ومن نظائر المسألة: ما إذا اشتبهت محرم بنسوة غير محصورين، والأصح فيه أنه يتزوج ما شاء منهن إلى أن يبقى عدد محصور، والفرق بين هذه، وبين ذينك أن الأصل في أفراد كل منهما الجواز، والمنع طارئ بخلاف نظيره من النكاح.
الأمر الثاني: أن الرافعي قد ذكر قبل هذا بأوراق في الكلام على غسل الثوب أنه إذا اشتبه موضع النجاسة، ولم ينحصر في موضعين أو مواضع محصورة فلا يجوز الاجتهاد، وأن انحصر كالكمين فعلى وجهين: أصحهما عند المعظم المنع أيضًا، وحينئذ فما ذكره الرافعي هنا في البساط ونحوه إن كان عند حصر النجاسة في موضع أو موضعين فالوجهان جاريان في نظيره من الثوب أيضًا، فكيف يستدل لأحد الوجهين بالقياس عليه،