وأما الشبهة التي أثارها حديث أم سلمة عند الطحاوي وأحمد والبيهقي وابن حِبَّان الذي سنورده الآن، وهي عدم مشروعة قضاء السنن والنوافل في أوقات النهي، فهي شبهة ضعيفة لا تصمد أمام الأحاديث الكثيرة القاضية بجواز قضاء السنن والنوافل في أوقات النهي، فالحديث يقول: عن أم سلمة رضي الله عنها قالت «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر ثم دخل بيتي فصلى ركعتين، فقلت: يا رسول الله صليتَ صلاة لم تكن تصليها، قال: قدم عليَّ مال فشغلني عن ركعتين كنت أُصليهما بعد الظهر فصليتهما الآن، قلت: يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا» رواه الطحاوي وأحمد والبيهقي. ورواه ابن حِبَّان ولفظه « ... شغلني عن ركعتين كنت أركعهما قبل العصر ... » . فأولاً: هذه الرواية ضعَّفها البيهقي فلا تصمد أمام الأحاديث الصحيحة والحسنة القائلة بمشروعية قضاء السنن، ولا تقوى على معارضتها. وثانياً: على فرض قبول هذه الرواية من حيث السند فإن قوله «أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا» يُفسَّر بنفي الأمر بالقضاء، فكأن أم سلمة رضي الله عنها سألت الرسول - صلى الله عليه وسلم -: هل تأمرنا بالقضاء؟ فقال: لا. ولا يفيد هذا النص نفي مشروعية القضاء. يشهد لهذا الفهم ما أخرجه الطحاوي نفسه «أن معاوية أرسل إلى أم سلمة يسألها عن الركعتين اللتين ركعهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد العصر، فقالت: نعم، صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندي ركعتين بعد العصر، فقلتُ: أمرتَ بهما؟ قال: لا، ولكني كنت أُصليهما بعد الظهر فشُغلتُ عنهما فصليتهما الآن» . والأحاديث يفسر بعضها بعضاً، وهذا الحديث يفسر الحديث الذي قبله لا سيما وأنهما في موضوع واحد ومن قِبَلِ راو واحدٍ هو أم سلمة رضي الله عنها.