د - عن حفص عن أنس بن مالك أَنه قال «انطُلِقَ بنا إلى الشام إلى عبد الملك ونحن أربعون رجلاً من الأنصار لِيَفْرِضَ لنا، فلما رجع وكنا بفجِّ الناقة صلى بنا العصر ثم سلم ودخل فسطاطه، وقام الناس يضيفون إلى ركعتيه ركعتين أخريين قال، فقال: قبَّح الله الوجوه، فوالله ما أصابت السُّنَّة ولا قُبلت الرخصة ... » رواه أحمد. وروى أحمد من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير أن معاوية صلى في مكة ركعتين فترة ثم صلى أربعاً.
فعائشة وعثمان وأربعون من الأنصار ومعاوية كلهم صلوا في السفر أربعاً، وطبعاً صلى عثمان وكذلك معاوية أربعاً يأتمُّ بهما ناسٌ من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلو كانت الصلاة الرباعية غير جائزة للمسافر لمَا حصل ما حصل من هؤلاء الصحابة، ولمَا أثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فعل عائشة هذا، فالصحيح أن القصر في السفر رخصة وليس عزيمة كما يقول بذلك عدد من الفقهاء.
[مسافة القصر]
لقد اختلف الأئمة والفقهاء اختلافاً كبيراً في تقدير المسافة التي لا بدَّ من أن يقطعها المسافر حتى يجوز له أن يقصر الصلاة، حتى إنَّ محمد بن المنذر قد أوصل هذه الآراء إلى العشرين، ونحن نكتفي باستعراض أبرز الآراء هذه، لا سيما وأن معظمها لا دليل معتبراً عليها، ثم نناقشها مع أدلتها وشُبُهاتها بشئ من التفصيل، حتى نقف على الصواب في هذه المسألة بإذن الله تعالى.