٢- عن عائشة رضي الله عنها قالت «نُفِسَتْ أسماءُ بنتُ عُمَيس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن تغتسل فتُهلَّ» رواه أبو داود وابن ماجة ومالك ومسلم. ولمسلم وابن حِبَّان وابن ماجة من طريق جابر بلفظ « ... فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحُلَيْفة، فولدت أسماءُ بنتُ عُمَيس محمدَ بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستثْفِرِي بثوبٍ وأَحْرِمي ... » قوله استثفري: أي تحفَّظي بخِرقة قماش لمنع نزول الدم.
٣- عن نافع «أن ابن عمر كان لا يَقْدم مكة إلا بات بذي طُوى حتى يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهاراً، ويَذْكُر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعله» رواه مسلم وأحمد وأبو داود. ورواه البخاري ولفظه «كان ابن عمر رضي الله عنه إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بذي طوى ثم يصلي به الصبح ويغتسل، ويحدِّث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك» وذو طوى: هو موضع في مدخل مكة تُفتَح طاؤُه أو تُضمُّ أو تُكْسر.
قال ابن المنذر (الاغتسال عند دخول مكة مستحبٌّ عند جميع العلماء) وبه أقول. وإنما قلت بالغُسل عند دخول مكة والإحرام معاً، لأن الأصل في المسلم أن يدخل مكة مُحْرِماً وليس دون إحرام، ولكن إن دخلها دون إحرام فالمستحب له أيضاً الاغتسال، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اغتسل لدخول مكة عام الفتح وهو حَلالٌ يُصيب الطِّيب، ذكر ذلك الشافعي في الأم. وروى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما «أنه كان يغتسل إذا دخل مكة ويأمرهم بذلك» رواه ابن أبي شيبة. وإنَّ أوضحَ دليلٍ على استحباب الغُسل هو الحديث الثاني إذ فيه الطلب من أسماء أن تغتسل رغم أنها نُفَسَاء وهذا وحده كافٍ للاستدلال على استحباب غُسل الإحرام ودخول مكة، وما سواه فدونه في الدلالة.