أما حديث جابر بن عبد الله قال «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبول الرجل قائماً» رواه البيهقي وابن ماجة. فهو ضعيف جداً، في سنده عدي بن الفضل وهو متروك متفق على تضعيفه. وأما ما رُوي أن عائشة رضي الله عنها قالت «مَن حدَّثكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال قائماً فلا تُصدِّقوه، ما كان يبول إلا جالساً» رواه النَّسائي وأحمد وابن ماجة والترمذي. فلا يقوى على معارضة حديث حذيفة، لأن حديث حذيفة أصح من حديث عائشة الذي فيه شَرِيك، وشريك صدوق يخطيء كثيراً، على أن حديث عائشة يدل على مبلغ علمها فحسب، وهي تحدَّثت عن بول الرسول عليه الصلاة والسلام جالساً ولم تره يبول واقفاً، والمعلوم أن الرجل يبول جالساً في الكنيف، ويبعُد جداً أن يبول فيه قائماً لصلابة أرضه عادة، ولذا فإنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يبول في الكنيف إلا جالساً، وهذا ما علمت به عائشة ورأته وتحدثت عنه، فلا ينفي بولَه عليه الصلاة والسلام في العراء واقفاً لرخاوة الأرض هناك، وبذلك فلا تعارض بين الحديثين. قال ابن حجر (لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن البول قائماً شيء) .
والخلاصة هي أن البول قائماً يجوز كجواز البول جالساً، ويتحرَّى في الحالتين ألا يصيبه رَشاش البول.