للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما أشار إليه النووي بقوله (ويحرم خضابه بالسواد على الأصح) فقد استنبطه من حديث أبي قُحافة « ... وجنِّبوه السواد» كما استدل عليه هو ومن قال بقوله بما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسَّواد كحواصل الحمام لا يَريحون رائحة الجنة» رواه أبو داود وأحمد والنَّسائي. فالجواب عليه هو أن حديث أبي قُحافة لا يدل على التحريم، وإنما هو بيان بأن أبا قُحافة - وهو شيخ كبير- لا يناسب شعرَه السوادُ، فطلب أن يُصبغ بغير السواد، أما الحديث الذي رواه أبو داود عن ابن عباس فإنه لا يدل على كراهة الخضاب بالسواد، بل هو إخبارٌ عن قومٍ هذه صفتهم، وذلك لسببين: أحدهما، أنه يشبه الحديث الذي قيل في الخوارج «سيماهم التحليق» فجعله علامة لهم فحسب دون أن يكون التحليق هو سبب الذم. والثاني، أن عدداً كبيراً من الصحابة والتابعين قد صبغوا بالسواد وقد ذكرهم الطبري، وهم: الحسن والحسين وعثمان وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن جعفر وعقبة بن عامر والمغيرة بن شعبة وجرير بن عبد الله وعمرو بن العاص من الصحابة، وعمرو بن عثمان وعلي بن عبد الله بن عباس وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن بن الأسود وموسى بن طلحة والزُّهري وأيوب وإسماعيل بن معد يكرب من التابعين، ولو كان حراماً لما صبغ كل هؤلاء. ثم إنَّا وجدنا حديثاً مروياً عن صهيب الخير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إنَّ أحسن ما اختضبتم به لَهَذا السواد، أرغَبُ لنسائكم فيكم، وأهيب لكم في صدور عدوِّكم» رواه ابن ماجة. قال الهيثمي (إسناده حسن) فهو الفيصل في محل النزاع.

٤. وصل الشعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>