وإني أرى أن الدعائين الأول والثالث يُدعى بأحدهما إن كان الميت بالغاً، ذكراً كان أو امرأة، أما إن كان الميت سِقْطاً أو طفلاً دون البلوغ فيُدعى بالدعاء الثاني. ويمكن أن يُدعى بالدعاء التالي أيضاً [اللهم اجعله لنا سَلَفَاً وفَرَطاً وأجْراً] . فعن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه «أنه كان يصلي على المنفوس الذي لم يعمل خطيئة قط، ويقول: اللهم اجعله لنا سَلَفَاً وفَرَطاً وذُخراً» وفي لفظٍ ثانٍ «وأجراً» بدل (وذخراً) رواه البيهقي.
والأصل في الدعاء للميت أن يكون بإخلاص علَّ اللهَ سبحانه وتعالى أن يتقبل الدعاء ويُشفِّع صاحبه في الميت، وبدون الإخلاص في الدعاء لا يكون شئ من ذلك، وقد رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء» رواه أبو داود وابن ماجة وابن حِبَّان.
وهذه الأدعية جاءت كلها بصيغة المذكَّر، وهي تصلح للذكور والإناث دون تغيير، فيُدعى بها كما وردت سواء كان الميت ذكراً أو أنثى، ويكون الدعاء على إرادة الشخص المُتوفَّى، وهو يشمل الجنسين.
لا بدَّ لصلاة الجنازة من طهارة كاملة
هناك عدد من الفقهاء يجيزون صلاة الجنازة بدون وضوء معتبرين أنها ليست صلاة، وإنما هي دعاء، أو صيغة وهيئة من صيغ الدعاء وهيئاته، والدعاء لا يلزمه الوضوء ولا الطهارة. فنقول لهؤلاء: لقد ابتعدتم كثيراً عن الحق والصواب، لأن صلاة الجنازة هي فعلاً صلاةٌ كسائر الصلوات، تبتدئ بتكبيرة الإحرام وتنتهي بالتسليم، ويُقْرأ فيها بفاتحة الكتاب، وتُؤدَّى كما تُؤدَّى الصلوات جماعةً وغير جماعة، فإن كانت جماعة فلها إمام ومأمومون يصطفُّون خلفه يقتدون به في صلاته.