للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ هناك التفاتاً من نوع آخر يحصل بتحريك الوجه، كما يحصل بتحريك العينين فحسب، ويكون في الحالتين حراماً، هو رفع البصر إلى السماء في الصلاة، فهذا الرفع للبصر قد ورد النهي الشديد عنه، وأنَّ على المصلي أن يُطأطئ رأسه وبصره، ويُحبَّذ أن يصوِّب بصره نحو موضع سجوده وهو واقف، وأن ينظر إلى سبَّابته أو ركبتيه وما بينهما وهو جالس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت: الذين هم في صلاتهم خاشعون، فطأطأ رأسه» رواه الحاكم. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لَيَنتهيَنَّ أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم» رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لينتهيَنَّ أقوامٌ عن رفعهم أبصارَهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتُخطَفَنَّ أبصارُهم» رواه مسلم. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما بال أقوامٍ يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟ فاشتدَّ قوله في ذلك حتى قال: ليُنْتَهَيَنَّ عن ذلك أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارهم» رواه البخاري وأحمد والنَّسائي وابن حِبَّان. فقد جاء النهي بصيغة شديدة، فقوله [لينتهينَّ] تضمَّن لام الأمر ونون التوكيد، وقوله [أو لا ترجع إليهم] ، وقوله [أو لتُخْطَفَنَّ أبصارهم] قرينةٌ إضافية على التحريم والنهي الجازم.

فمن التفت إلى غير جهة القِبلة يميناً وشمالاً، أو التفت إلى السماء صُعُداً فقد صلى إلى غير جهة القِبلة وترك بذلك واجب الاستقبال، فوقع في الإثم، إلا أنه مع ذلك لا تجب عليه إعادة الصلاة وتظل صلاته مقبولة مع حصول النقص فيها، بدلالة قوله عليه الصلاة والسلام «اختلاسٌ يختلسه الشيطان من صلاة العبد» المار في صدر هذا البحث.

الجهرُ في الصلاة الجهرية

<<  <  ج: ص:  >  >>