للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الالتفات في الصلاة فقد جاءت النصوص تنهى عنه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت «سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال: هو اختلاسٌ يختلسه الشيطان من صلاة العبد» رواه البخاري. وجاءت نصوص تخفِّف النهي عنه في صلاة التطوع ليبقى النهي شديداً في صلاة الفريضة، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً «يا أيها الناس إياكم والالتفات، فإنه لا صلاة للمُلْتفِت، فإنْ غُلبتم في التطوُّع فلا تُغلَبُنَّ في الفرائض» رواه أحمد والبخاري في التاريخ الكبير وسكت عنه. والالتفات المنهي عنه هو أن يلوي المصلي عنقه يمنةً ويسرةً بحيث يصبح نظره إلى غير جهة الكعبة، كأن ينظر إلى الغرب أو ينظر إلى الشرق، فهذا هو الالتفات الذي يشمله النهي الشديد.

أما الالتفات يمنةً ويسرةً فيما بين المشرق والمغرب، أي الالتفات إلى هنا وهناك في اتجاه الكعبة فلا بأس، ولا يدخل تحت النهي، فعن ابن عباس رضي الله عنه «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلتفت في صلاته يميناً وشمالاً، ولا يلوي عنقه خلف ظهره» رواه الحاكم وابن خُزَيمة. فلَيُّ العنق خلف الظهر يحوِّل النظر عن جهة الكعبة، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يزال الله مقبلاً على العبد ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه» رواه الحاكم. ورواه أحمد بلفظ «لا يزال الله عزَّ وجلَّ مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه» . معنى إذا صرف وجهه: إذا نظر إلى غير الاتجاه المطلوب وهو الاتجاه نحو القِبلة. فالالتفات الذي يخرج عن التوجه نحو الكعبة هو المنهيُّ عنه، وهو حرام بلا شك لأنه يحوِّل الصلاة إلى غير استقبال القبلة، أما إن بقي الالتفات في دائرة التَّوجُّه نحو الكعبة فلا بأس به ولا يشمله النهي، وغنيٌّ عن البيان أن النظر بالعينين فحسب يمنةً ويسرةً مع بقاء العنق ثابتاً لا شئ فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>