نعود إلى التسبيحات المأثورة فنقول: أما عدد هذه التسبيحات في الركوع الواحد فهو أن لا يقل عن ثلاث مرات، فهذا هو أدنى التَّمام، فإن قيلت مرة أو مرتين أجزأت مع نقص الفضل لعدم التأسِّي، إذ لم يُعرف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قالها مرة أو مرتين، ولا حدَّ لأكثره خاصةً بالنسبة للمنفرد.
والإمام يسبح بمقدار ما لا يُثقل على المأمومين، وإذا كان لا بد من تحديدٍ فإني أرى أن يسبِّح الإمام سبعَ تسبيحات، فيتمكن المأمومون من قول تسبيحاتهم الثلاث دون عجلة، لا سيما وأن منهم البطئ والمسبوق والمريض، فالرفق بهؤلاء مندوب. هذا هو ما أراه القدر المختار للإمام، وإن زاد على هذا القدر فلا يزيد على العشر تسبيحات، فعن سعيد بن جبير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال «ما رأيت أحداً أشبه صلاةً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الغلام - يعني عمر بن عبد العزيز - قال فحَزَرنا في الركوع عشر تسبيحات، وفي السجود عشر تسبيحات» رواه أحمد. ورواه أبو داود قريباً منه.
وقد نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قراءة القرآن في الركوع، فيُكره لنا ذلك، فعن علي رضي الله عنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس القَسِّيِّ، وعن تختُّمِ الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع» رواه مالك. وعنه رضي الله عنه قال «نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قراءة القرآن وأنا راكع أو ساجد» رواه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «ألا إني نُهيت أن أقرأ راكعاً أو ساجداً، فأمَّا الركوع فعظِّموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقَمِنٌ أن يُستجاب لكم» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن حِبَّان. قال الترمذي (وهو قول أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومَن بعدهم، كرهوا القراءة في الركوع والسجود) .