إذا اشتد الخوف واستبدَّ بالناس الذعرُ من الأعداء، ولم يعد يسهل عليهم إقامة صلاة الخوف بأية كيفية من الكيفيات المشروعة ذات القيام والقعود والركوع والسجود، جاز لهم إتيانُ الصلاة إيماءً بحيث يكون السجود أخفض من الركوع، وجازت لهم الصلاة وهم ماشون، وهم راكبون، كما جازت لهم دون أن يستقبلوا القِبلة، فيؤدون الصلاة إيماءً وكيفما اتفق، يصليها هكذا الهاربُ من عدوه، راكباً السيارة أو الطائرة أو الدابة أو السفينة، كما يصليها إيماءً الملتصقُ بحجر أو صخرة أو جدار في حالة اختباء من العدو. فهذه الحالات وأمثالها لا يحتاج فيها المصلي إلى أكثر من القراءة والذكر والإيماء فحسب، ولْيُصلِّ إلى أي اتجاه، ولا عليه عند ذلك، وصلاته صحيحة مقبولة. وقد مرت النصوص الثلاثة الدالَّةُ على ذلك المرويةُ عن حذيفة وعبد الله بن أنيس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين.
[٢) صلاة المسافر]
الأصل في صلاة المسافر القصر، أي ركعتان للظهر وللعصر وللعشاء، وتبقى صلاتا الصبح والمغرب على حالهما دون تغيير، فعن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت «كان أول ما افتُرِض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاةُ ركعتان ركعتان إلا المغرب فإنها كانت ثلاثاً، ثم أتمَّ الله الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعاً في الحضر، وأقرَّ الصلاة على فرضها الأول في السفر» رواه أحمد وابن حِبَّان وابن خُزَيمة والبيهقي. وعن عمر رضي الله عنه قال «صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان، تمامٌ غير قصر على لسان نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، وقد خاب من افترى» رواه ابن خُزَيمة وأحمد والنَّسائي وابن ماجة والبيهقي. وقد مرَّ في بحث [صفة صلاة العيدين] فصل [صلوات مفروضة عدا الصلوات الخمس] .