أما الكفار من غير أهل الكتاب، كالمجوس والمشركين والهندوس والبوذيين والملحدين، فتُعامل أوانيهم وقدورُهم معاملةَ أواني أهل الكتاب وقدورِهم، سواء بسواء، فنقوم بغسلها وتطهيرها إن علمنا أنهم وضعوا فيها مواد نجسة، لما رُوي عن أبي ثعلبة قال «سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قدور المجوس، قال: أنقوها غسلاً واطبخوا فيها ... » رواه الترمذي. فالواجب المساواة في التعامل بين أواني أهل الكتاب وأواني سائر الكفار من مجوس وغيرهم، يدل عليه أيضاً ما رُوي عن أبي ثعلبة الخُشني مرفوعاً « ... قلت: إنَّا أهلُ سفر نمرُّ باليهود والنصارى والمجوس ولا نجد غير آنيتهم، قال: فإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها بالماء ثم كلوا فيها واشربوا» رواه أحمد.
الفصل الثاني أعيانُ النجاسات
القذارة أو القذر منها ما هو بالغُ السوء ويسمى النجاسة، ومنها ما هو دون ذلك وهو الدَّنس والوسخ وما في معناهما، وجاء الشرع يحرِّم المُغلَّظ منها وهو النجاسة، ويكره ما دون ذلك وهو الوسخ. فالنجاسة قذارة، والقذارة ليست بالضرورة نجاسة، فقد تكون نجاسة، وقد تكون وسخاً أو دَرَناً أو ما في هذا المعنى.
والقَذَر المخفَّف جاء الشرع يأمر بإزالته وغسله واجتنابه أمراً غير جازم، وهو ما يسمى النَّدب، وسَمَّى ذلك تنظيفاً ونظافة. فالنظافة في البدن وفي الثوب وفي المكان كلها أمور حث الشرع عليها، وجعل لمن يقوم بها ثواباً، دون أن يتوعده بالإثم إن هو لم يفعل ذلك.
أما النجاسة فقد أمر الشارع باجتنابها أمراً جازماً وجعل اجتنابها فرضاً، وهي قسمان: نجاسة حسِّيَّة، ونجاسة حُكميَّة. أما الحِسِّيَّة فكالبول والغائط والدم والكلب وغيرها، وأما الحُكميَّة فكالجنابة والحيض والنفاس، وانتقاض الوضوء. وهذه النجاسة بشِقَّيها الإثنين يجب اجتنابها في عبادات ثلاث تشريفاً لهن، وهن الصلاة والطواف ومسُّ المصحف، ولم يشترط الشرع ذلك في سواهن على تفصيلٍ في ذلك.