للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه هي القاعدة في الخمر، وهذه هي الاستحالة، وحسب هذه القاعدة يُسار في جميع الحالات وجميع المواد. وإِنَّ من أعظم ما ابتُلي به المسلمون في هذه الأيام صناعة الأدوية وصناعة العطور، ففي الكثير منهما يدخل الكحول، لذا فالواجب على المسلم أن يتحرى حين شرائهما، فإن كان الدواء أو العطر يظل الكحول فيه على ماهيته وخاصِّيته فإن الدواءَ هذا والعطرَ لا يحل استعماله ويظل نجساً، أما إن استحال الكحول فيهما إلى مادة جديدة ذات خاصية جديدة فإنه يجوز حينئذ استعماله.

وما يقال عن الخمر يقال عن شحوم الخنزير وشحوم الميتة مثلاً، فهذه الشحوم قد تدخل في صناعة الصابون فتفقد في هذه الصناعة ماهيَّتها وخصائصَها، ففي هذه الحالة يكون الصابون حلالاً ويكون طاهراً، ولا شيء في الانتفاع به، لأن الشحوم في صناعة الصابون تتحول إلى مادة أخرى مغايرة في الوصف والخاصِّية للشحوم فتحل لأجل ذلك. وكما قلنا في الخمور نقول في الشحوم، وهو أنه في صناعة الصابون لا يحل لمسلم أن يستعمل هذه الشحوم النجسة، أما إن صنعها الكافر وحوِّلها مع مواد أخرى إلى صابون، فإنه يجوز للمسلم حينئذ أن يستعملها وتكون طاهرة.

فالقاعدة في الاستعمال والانتفاع هي أن النجاسات لا يحل لمسلمٍ الانتفاع بها استعمالاً أو بيعاً أو شراء أو هبة أو تحويلاً، ولكن إن تحولت ذاتياً إلى مواد جديدة، أو حوَّلها كفار إلى مواد جديدة حلَّت حينئذ، لأنها لم تعد نجاسات، وصار حكمها حكم أي شيء طاهر.

الفصل الرابع

أحكامُ وآدابُ قضاء الحاجة

هناك أحكام وآداب تتعلق بقضاء الحاجة في البر والخلاء، وهناك أحكام وآداب تتعلق بقضاء الحاجة في البيوت والعمران. وقديماً أطلق الفقهاء على هذا الفصل آداب التَّخلِّي، يعنون بذلك أحكام الأفعال التي يُقام بها حين التبوُّل والتَّغوُّط.

أحكامُ وآدابُ قضاء الحاجة في الخلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>