والمحصِّلة أنه لا يجب في غسل أية نجاسة أي عدد سوى نجاسة ولوغ الكلب، فتحتاج إلى سبعٍ أُولاهن بالتراب والست الباقية تكون بالماء، وما دام أن جميع هذه الروايات لم تظهر فيها علَّة فالحكم غير معلَّل، فلا يصلح لتقاس عليه إزالة سائر النجاسات. ثم إن غسل الإناء من الولوغ من حيث هو غسل ليس تعبُّديَّاً محضاً، بل هو مثل إزالة أية نجاسة، ولكن ذكر العدد بهذا البيان هو الناحية التعبدية المحضة فيه، فيُعمل بهذا العدد المخصوص تعبُّداً وطاعة دون إعمال الذهن في الأسباب والعلل الموجِبة، كتلك التي أوردها الأطبَّاء مؤخراً من أن في لُعاب الكلاب جرثومةً ضارَّة لا يزيلها إلا التراب والماء، فهذا لا يعنينا في شيء، ولا يُلتفت إليه، وليحذر المسلمون من التعليلات العلمية الحديثة لأحاديث وآيات سكتت عن التعليل ولْيعلموا أن الشرع وقد سكت عن التعليل إِنما سكت عن قصد، ولو أراد التعليل لعلَّل، فكونه لم يعلِّل فهو يعني أنه أراد أمراً أخفى علته عنا فلا ينبغي لنا أن نحاول كشفها فإن ذلك تطاول على النص.
وإذن فإن تطهير الثوب المتنجِّس والأرض المتنجِّسة والبدن المتنجِّس، والأداة والوعاء والحذاء والورق والخشب والحبوب المتنجِّسة إنما يُطلب له إزالة النجاسة دون اعتبارٍ للعدد مطلقاً، وحتى الكلب لو أقعى في إناء ماء، أو وضع رجله فيه، أو أدلى ذنبه فيه، أو غمس بعض شعره فيه، فإنه يُغسل مرَّة واحدة كسائر النجاسات، والعدد إنما هو فحسب في ولوغ الكلب، وهو عبادة غير معلَّلة، فلا يقاس عليها غيرها من أجزاء الكلب أو الخنزير أو سائر النجاسات.