أما ما استدل به بعضهم على أن الفخذ ليس عورة، وأن العورة عندهم هي القُبُل والدُّبُر فحسب - وهو ما رواه أحمد من طريق عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جالساً كاشفاً عن فخذه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه، فلما قاموا قلت: يا رسول الله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك، فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك، فقال: يا عائشة ألا أستحي من رجل واللهِ إن الملائكة تستحي منه؟» - فالجواب عليه أن هذا فِعلٌ منه عليه الصلاة والسلام، والأحاديث السابقة قولٌ وأمرٌ منه، والقول والأمر أقوى في الاستدلال من الفعل، ثم إن هذا الحديث رواه مسلم بلفظ «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -مضطجعاً في بيتي كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه فاستأذن أبو بكر ... » . ففيه تردُّدٌ بين الفخذين والساقين، والساقان ليستا من العورة، فصار الحديث محتملاً، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال، وقل مثل ذلك بخصوص ما رواه أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خيبر - إلى أن قال «وانحسر الإزار عن فَخِذَيْ نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فإني لأرى بياض فخذَيْ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ... » رواه أحمد. ورواه البخاري بلفظ «حُسِر الإزار» . فإن هذا الحديث حادثة فعلٍ، وتلك أقوال وأوامر، فتلك أقوى في الاستدلال. ومن ناحية ثانية فإنَّه إذا تعارضت أوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع أفعاله حُملت أفعاله على أنها من خصوصياته، وبقيت أقواله محكمةً واجبة الاتِّباع كما هو الحال هنا. والنتيجة هي إنَّه يجب على المصلي أن يستر ما بين سرته إلى ركبتيه عند الصلاة إن كان ذكراً، وأما الأنثى فتستر جميع بدنها ما عدا الوجه والكفَّين.