للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الأول قد ضُرِبت له بنَمِرة: أي قد ضربت له الخيمة في مكان بجنب عرفات يسمى نَمِرة. وقوله في الحديث الأول بالقصواء: يعني بها ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقوله في الحديث الثالث فقلت له الصلاة فقال الصلاة أمامك: يعني أن أسامة بن زيد ذكَّر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحلول موعد صلاة المغرب، فأعلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الصلاة قادمة، ولم يصلها في وقتها لأنه أراد تأخيرها ليصليها في وقت صلاة العشاء جمعاً.

[كيفية الجمع بين الصلاتين]

لا يحتاج جمع الصلاتين إلى نية مسبقة، فيصحُّ للمسلم وقد صلى الظهر دون نيَّةِ جمعِها مع العصر أن يقوم ويصلي العصر، جامعاً إياها مع الظهر، سواء كان ذلك على الفور أو على التراخي، وسواء فعل بينهما أفعالاً أو لم يفعل شيئاً، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال «دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة، فنزل الشعب فبال ثم توضأ ولم يُسبغ الوضوء، فقلت له: الصلاة، فقال: الصلاة أمامك، فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ، ثم أُقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كلُّ إنسان بعيره في منزله، ثم أُقيمت الصلاة فصلى ولم يصلِّ بينهما» رواه البخاري ومالك والنسائي. يدل هذا الحديث على أن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم أجمعين قد صلوا المغرب، ثم انطلقوا إلى رحالهم يتدبرون شؤونهم، فأناخوا جِمالهم في منازلهم، وإذا بهم يسمعون الإقامة لصلاة العشاء فانطلقوا يصلونها جماعةً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا الحديث يدل على عدم وجود نية الجمع عند الصحابة رضوان الله عليهم، وإلا لما انطلقوا إلى جِمالهم وبيوتهم، ثم إن هذا الحديث يدلُّ أيضاً على جواز الجمع بين الصلاتين على التراخي، كما يدل على جواز القيام بأفعالٍ عدة بين الصلاتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>