للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماء الطَّهور

قالوا إن الماء الطهور إذا خالطته مواد طاهرة فغيرت أوصافه، كأن صار لونه أحمر أو أصفر، أو صارت له رائحة، أو تغير طعمه، أو تغير قِوامه، صار هذا الماء طاهراً وفقد طُهوريته، ولم يعد يصلح للاغتسال به من الجنابة أو الحيض أو النفاس، أو للوضوء، ولم يكتفوا بذلك بل فصَّلوه على النحو التالي:

أ- ما يوافق الماء في الطُّهورية كالتراب والملح.

ب- وما لا يختلط بالماء كالدهن.

جـ- وما لا يمكن التحرُّز منه كالطُّحلب.

د- وما سوى هذه الأنواع كالزعفران.

دون أن يذكروا إن كان الماء دون قلتين أو أكثر، وأعطَوْا لكل حالة حكماً، ودخلوا في تفريعات لا حاجة بنا لذكرها، فنرد عليهم بما يلي:

أما ما ذكروه في أول البند فصحيح من وجه وخطأ من وجه آخر، والحالات الأربع داخلة في الصحيح والخطأ دون حاجة لهذه التبويبات. أما أنَّ الماء إذا تغير بمخالطته لمواد طاهرة فَقَدَ طُهوريته فقولٌ صحيح، ولكن أن يقولوا إنه صار ماءً طاهراً فخطأ، لأن الماء هو تلك المادة ذات الصفات والخصائص المعروفة، فإذا اختلفت هذه الصفات والخصائص بشكل بيِّن لا يبقى الماء ماء، ولا يصح إطلاق اسم الماء عليه، وسمِّه آنئذ بما شئتَ من أسماء حسب المادة التي اختلطت به. فقولهم يكون الماء طاهراً ـ هكذا بذكر كلمة (الماء) ـ خطأ، فالنبيذ وهو ماء نُقِع فيه تمر لا يصح أن يقال عنه إنه ماء طاهر غير طَهور، لأنه لم يعد ماء لا في اسمه ولا في واقعه، والشاي المشروب الأحمر لا يسمى ماء، والسوس لا يسمى ماء، والماء إذا غُلي فيه الحمص حتى صار أصفر ذا طعم خاص لا يصح أن يقال إنه ماء، لا ماء طاهر ولا ماء طَهور، فما دامت هذه الأشربة والمحاليل لا تتصف بصفات الماء ولا تحمل خصائصه فيجب إخراجها من هذا البحث، وعدم إدراجها في باب المياه وأقسامها.

<<  <  ج: ص:  >  >>