بقيت شُبهةٌ هي قولهم إن المنيَّ نجسٌ باستثناء منيِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو عندهم طاهر، فنقول لهؤلاء: من أين لكم هذا التفريق؟ وأين هو الدليل على نجاسة منيِّ مَن سواه؟ ولا دليل سوى ما أوردناه من أحاديث منيِّه عليه الصلاة والسلام بل إن حديث عائشة الثاني يساوي بين منيِّه عليه الصلاة والسلام ومنيِّ مَن سواه، فتبطُل هذه الشبهة، ويَثبت حكم طهارة المنيِّ.
أما ما خاض فيه الفقهاء من طهارة منيِّ الحيوانات أو نجاسته، وتفريقهم بين منيِّ مأكول اللحم ومني غير المأكول، فلا أجدني محتاجاً للخوض فيه، وحسبي أن أقول إنه لم يرد أي دليل على نجاسته، فهو باق على أصله من الطهارة.
هـ- القيء: إنه لم يَرِد في القيء نصٌّ صحيح ولا حسن ولا إجماع صحابة على نجاسته فيظل على أصله من الطهارة. ولقد اعتمد القائلون بنجاسة القيء على أمرين:
أحدهما: هو ما رواه مَعْدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر فتوضأ، فلقِيتُ ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له، فقال: صدق أنا صببتُ له وَضوءه» رواه الترمذي وقال (هذا أصح شيء في هذا الباب) . وما رواه ابن أبي مُلَيكة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - «من أصابه قَيءٌ أو رُعافٌ أو قَلَسٌ أو مَذِي فلْينصرف فلْيتوضأ، ثم لِيَبْنِ على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم» رواه ابن ماجة والدارقطني. وضعفه الهيثمي.