٢ - إذا كان المسلم في المسجد فأقيمت الصلاة المفروضة، كُره له أن يشرع في صلاة التطوع، ولكن إن كان قد بدأ بصلاة التطوع قبل أن تقام الصلاة المفروضة، ثم أقيمت المفروضة فلْيتمَّها خفيفة، ثم يدخل مع المصلين في صلاة الفريضة دون تأخير، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» رواه أحمد ومسلم والدارمي وأبو داود والترمذي. وعن مالك بن بُحَينة رضي الله عنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاث به الناس، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصبح أربعاً، الصبح أربعاً؟» رواه البخاري وأحمد ومسلم والنَّسائي. قوله لاث به الناس: أي أحاطوا به.
وإنما قلنا بالكراهة ولم نقل بالتحريم فلأنَّ صلاةَ الجماعة ليست فرضاً على الصحيح وإنما هي مندوبة مستحبة، فالدخول في صلاة الجماعة مندوب، وترك المندوب ليس حراماً، وثانياً قد رُوي عن عبد الله بن سَرْجس أنه قال «أقيمت الصلاة صلاة الصبح، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يصلي ركعتي الفجر فقال له: بأي صلاتك احتسبت، بصلاتك وحدك أو صلاتك التي صليت معنا؟» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنَّسائي وابن ماجة. فقد احتسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك الرجل صلاتين، إحداهما التي صلاها وحده، وهي سُنَّة صلاة الصبح عند إقامة صلاة الفريضة، فلو كانت صلاته هذه غير مقبولة وغير جائزة لما احتسبها ولأمره بإعادتها، فلما لم يفعل دل ذلك على أن الصلاة قد قُبلت. وألفت النظر إلى أن القول في الحديث الأول «فلا صلاة إلا المكتوبة» لا هنا هي الناهية وليست هي النافية، فيكون معنى هذا القول: لا تُصلوا إلا المكتوبة، وليس معناه: لا تنعقد صلاة إلا المكتوبة.