أما دم السمك فلأنَّ ميتة السمك طاهرة والدم جزء منها فيكون طاهراً. وكذلك الكبد والطحال، لما رُوي أن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أُحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال» رواه أحمد وابن ماجة. وصحَّحه ابن حجر وأبو حاتم. ولما رُوي أن أبا هريرة قال «سأل رجلٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنَّا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو الطَّهور ماؤُه الحِلُّ مَيْتَتُه» رواه أحمد والترمذي. وصححه ابن خُزَيمة وابن حِبَّان والترمذي. فهذان الحديثان يدلان على حِلَّ ميتةِ البحر كالسمك، ودمُه منه فيأخذ حكمه. ويدل الحديث الأول على طهارة الكبد والطحال، لأن حِلَّهما يعني طهارتهما.
أما الدليل على طهارة دم ما لا نفس له سائلة، فالحديث المار في بحث [تطبيقات على الماء] وهو ما روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فلْيغمسه كله، ثم ليطرحه، فإنَّ في أحد جناحيه شفاءً وفي الآخر داءً» رواه البخاري وأبو داود. والحديث المار قبل قليل عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أُحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال» رواه أحمد وابن ماجة.
أما قدر الدم المسفوح الذي يعتبر نجساً، فالحكم فيه راجع لتقدير الشخص، ولكن الاعتدال في التقدير أن يقال: إنه الذي يسيل إذا صادف سطحاً مائلاً، فتخرج منه النقطة والنقطان، لأنهما ليستا دماً مسفوحاً، والشرع يعفو عن القليل.