كما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حث على ذكر الله، ونوَّه بفضل الإكثار منه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير في طريق مكة، فمرَّ على جبل يُقال له جُمْدان، فقال: سيروا، هذا جُمْدان، سبق المُفَرِّدون، قالوا: وما المُفَرِّدون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات» رواه مسلم. ورواه الترمذي وفيه «قال: المستهترون في ذكر الله، يضعُ الذِّكرُ عنهم أثقالَهم، فيأتون يوم القيامة خفافاً» . ورواه أحمد وفيه «قال: الذين يهتَرون في ذِكر الله» . قوله يهترون: أي يُولَعون أو يُكثِرون جداً.
وللذِّكر منزلة عالية ودرجة رفيعة، وقد مرَّ قوله سبحانه وتعالى { ... إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَىْ عَن الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ... } الآية ٤٥ من سورة العنكبوت. وقد فُسِّر بأن ذِكر الله أكبر في منع الفحشاء والمنكر من الصلاة. وعن أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «ألا أُنبئُكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والورِق، وخيرٌ لكم من أن تلْقَوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذِكرُ الله» رواه الترمذي وأحمد وابن ماجة والحاكم وصححه، ورواه مالك موقوفاً.
والذِّكر يكون بالاستغفار، ويكون بالاستعاذة، ويكون بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، ويكون بتلاوة آيات من القرآن، ويكون بالدعاء. ونُفْرِدُ لكلٍّ بحثاً منفصلاً.