والأحاديث تفيد أن نقض الوضوء إنما هو من مسِّ فرج الآدمي، فيخرج فرج البهيمة، فمسُّ فرج البهيمة لا ينقض الوضوء، وتخرج كذلك العانة، فلا ينقض مسُّها لعدم انطباق الدليل عليها، أما مسُّ الخصيتين فناقض لما روى البيهقي والطبراني والدارقطني عن بُسرة بنت صفوان قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «من مسَّ ذَكَرَه أو أُنثييه أو رُفُغَه فلْيتوضأ وضوءه للصلاة» . والرُّفُغ: أصل الفخذ القريب من الذَّكر، والأُنثييان: الخصيتان. وهذا الحديث وإن ضعَّفه ناس فقد حسَّنه آخرون فيصح الاستدلال به.
والفرج الذي ينقض مسُّه الوضوء هو أي فرجِ آدميٍّ، لا فرق بين فرج الكبير البالغ والصغير دون البلوغ وحتى الرضيع ما دام كل ذلك يدخل تحت لفظ فرج الآدمي، كما أنه لا فرق بين المسِّ بشهوة والمسِّ بدون شهوة لأن الأحاديث لم تُخصِّص أياً من ذلك، فيظل الحكم على عمومه. والمقصود باليد هنا ما كانت إلى الكوع أي الرسغ، وهذا رأي جميع العلماء فيما أعلم، لأن هذه اليد هي أداة المسِّ دون الساعد أو العضد.
[٥) النوم]
اختلف العلماء والأئمة اختلافاً واسعاً في حكم النوم من حيث نقض الوضوء على ثمانية مذاهب جمعها النووي في شرح صحيح مسلم كما يلي:
الأول: إن النوم لا ينقض الوضوء على أي حال كان، وهو رأي أبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيب وأبي مجلز وحميد الأعرج وشعبة.
الثاني: إن النوم ينقض الوضوء بكل حال، وهو مذهب الحسن البصري والمُزَني وأبي عبيد القاسم بن سلاَّم وإسحق بن راهُوَيه وابن المنذر، وروي عن ابن عباس وأنس وأبي هريرة.
الثالث: إن كثير النوم ينقض بكل حال، وقليله لا ينقض بحال، وهو مذهب الزُّهري وربيعة والأوزاعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه.