للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الصيغة الثالثة تشمل الصيغة الثانية الواردة في حديث مسلم المارِّ. فتبقى عندنا صيغتان: الصيغة الطويلة هذه، والصيغة الأولى [ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه] فمن أحب الاقتصار على الصيغة الأولى فله ذلك، ومن أحب الأخذ بالصيغة الطويلة فله ذلك، ومن أحب أن يجمع بينهما فله ذلك. فيقول إذا رفع من الركوع [سمع الله لمن حمده] ويقول إذا اعتدل قائماً [اللهم ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملءَ السموات وملءَ الأرض وملءَ ما بينهما، وملءَ ما شئت من شئ بعد، أهلَ الثناء والمجدِ أحقُّ ما قال العبدُ وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد] فينال الخير كله. ومعنى ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ: أن صاحب الحظ والغنى لا ينفعه حظه وغناه من أمرك يا رب وقضائك فيه.

السجودُ وهيئته والذّكر فيه

ذكرنا في الفصل الأول أن الصلاة أحب الأعمال إلى الله سبحانه، وذكرنا أن الصلاة لغةً معناها الدعاء، فالصلاة إذن قد استمدَّت فضلها من الدعاء، أو أن الدعاء هو أبرز ما فيها، ولا غرو في ذلك فإن الدعاء هو العبادة، فإذا أدركنا أن السجود هو موطن الدعاء بشكل رئيسي أدركنا فضل السجود في الصلاة، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء» رواه مسلم والنَّسائي وأبو داود وابن حِبَّان. وروى ابن عباس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - « ... ألا وإني نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظِّموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمنٌ أن يُستجاب لكم» رواه مسلم. ورواه أحمد وابن خُزيمة وأبو داود وابن حِبَّان باختلاف في الألفاظ. فالمسلم في سجوده قريب من ربه، مستجابٌ دعاؤه.

<<  <  ج: ص:  >  >>