أما النجاسة في البدن، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «أكثرُ عذاب القبر في البول» رواه أحمد. فالمسلم مأمور بالتَّنزُّه من البول واجتنابه في الصلاة، وهذا معلوم من الدين بالضرورة.
وأما نجاسة المكان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال «قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: دعوه وهَريقوا على بوله سَجْلاً من ماء أو ذَنوباً من ماء، فإنما بُعثتم ميسِّرين ولم تُبعثوا مُعسِّرين» رواه البخاري. والدلالة واضحة. وإنما اقتصرنا في الأسطر الثلاثة الأولى من هذا البحث على بيان وجوب اجتناب النجاسة العالقة في الثوب والنعل والبدن والمكان، وحرمة الصلاة بوجودها في هذه المواطن الأربعة، ولم نزد على ذلك بأن اشترطنا ذلك لصحة الصلاة، خلافاً لمن قال بأن طهارة الثوب والنعل والبدن والمكان شرط لصحة الصلاة، إذ لم يَرد أي دليل يدل على الشرطية فيبقى الأمر على الوجوب فحسب، وتبقى الصلاة بالنجاسة صحيحة مع الإثم.
الفصلُ الخامس
القِبْلةُ والسُّتْرة
استقبال القِبلة في الصلاة
إن مما هو معلوم من الدين بالضرورة أن يستقبل المسلمون القِبلة في صلواتهم، والقبلة للمسلمين كانت المسجد الأقصى في بيت المقدس قُرابة السنة والنصف أولاً، ثم صارت قِبلتهم الكعبة في مكة المكرمة وستستمرُّ إلى آخر الدهر، فعن البراء قال «صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، ثم صُرِفنا نحو الكعبة» رواه مسلم. ورواه أحمد والنَّسائي والترمذي وابن ماجة باختلاف في الألفاظ. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، ثم صُرفت القِبلة» رواه أحمد والبيهقي والبزَّار والطبراني.