للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هذه البنود مجتمعة ومتفرقة تُسقط الادعاء بوجود النسخ، ويبقى الحكم عاماً ومحكماً بأن المأمومين يصلون جلوساً خلف الإمام الجالس.

صلاة الإمام المخلّ بشروط الصلاة

إذا أمَّ الناس جُنُبٌ أو مَن ليس على وضوء وهو لا يعلم حتى خرج من الصلاة، فإن المأمومين لا يعيدون صلاتهم لأنها صحيحة مقبولة، ويعيدها الإمام وحده لأن الطهارة شرط لصحة الصلاة لا تقبل بدونها، وكذلك إذا أخلَّ الإمام بأي شرط وأنهى صلاته دون علم المأمومين فصلاتهم صحيحة، وصلاته وحده باطلة تجب عليه إعادتها، فقد وردت عدة آثار عن كبار صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم صلوا بالناس وهم جنب، أو وهم على غير وضوء، دون علم منهم ومن المصلين، ثم إنهم لما علموا بذلك بعد انقضاء صلاتهم أعادوا هم وحدهم صلاتهم، ولم يأمروا المصلين بإعادة تلك الصلاة، وقد حصل كل ذلك على مرأى ومسمع من الصحابة رضوان الله عليهم دون إنكار منهم، فكان ذلك إجماعاً. فعن الأسود بن يزيد قال «كنت مع عمر بن الخطاب بين مكة والمدينة فصلى بنا، ثم انصرف فرأى في ثوبه احتلاماً، فاغتسل وغسل ما رأى في ثوبه وأعاد صلاته، ولم نُعد صلاتنا» رواه ابن المنذر. وعن الشريد الثقفي «أن عمر صلى بالناس وهو جنب، فأعاد ولم يأمرهم أن يعيدوا» رواه الدارقطني بسند رواته ثقات. وعن محمد بن عمرو ابن الحارث بن المصطَلِق «أن عثمان صلى بالناس صلاة الفجر، فلما تعالى النهار رأى أثر الجنابة على فخذه فقال: كبرتُ والله، كبرتُ والله، أجنبتُ ولا أعلم، فاغتسل وأعاد الصلاة، ولم يأمرهم أن يعيدوا» رواه ابن المنذر والأثرم والبيهقي والدارقطني. وعن نافع «أن ابن عمر صلى بأصحابه، ثم ذكر أنه مسَّ ذكره فتوضأ، ولم يأمرهم أن يعيدوا» رواه الدارقطني. ورواه ابن المنذر وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي باختلاف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>