للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أمر المصلين بالاقتداء بالإمام في قيامه وجلوسه، وعندما رآهم يخالفون إمامهم بالصلاة خلفه قياماً وهو جالس قال «إنْ كدتم آنفاً لتفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهو قعود» . وقد قرأت تعليقاً لطيفاً لأحمد محمد شاكر على هذه المسألة أنقله لكم (ودعوى النسخ يردها سياق أحاديث الأمر بالقعود وألفاظها، فإن تأكيد الأمر بالقعود بأعلى ألفاظ التأكيد مع الإنكار عليهم بأنهم كادوا يفعلون فعل فارس والروم يبعد معهما النسخ، إلا إن ورد نص صريح يدل على إعفائهم من الأمر السابق وأنَّ علة التشبُّه بفعل الأعاجم زالت، وهيهات أن يوجد هذا النص، بل كل ما زعموه للنسخ هو حديث عائشة - أعني في صلاة النبي في مرض موته مع أبي بكر - ولا يدل على شئ مما أرادوا ... ) .

٦ - وأقول أخيراً ما يلي: على افتراض أنه لا توجد نصوص تعارض حديث عائشة الأول الذي يعتمدون عليه في ادِّعاء النسخ، وقطعاً للحجة، فإنه لا حاجة بهم إلى القول بالنسخ، وإنما كان عليهم أن يحملوا ما حصل على أنه من خصوصياته عليه الصلاة والسلام، بمعنى أنه ما كان لغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون إماماً لإمام، فالأحاديث تذكر أن أبا بكر كان الإمام، وأن الناس خلفه كانوا يأتمون به ويقتدون به، وأن أبا بكر كان يأتمُّ ويقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالأحاديث تقول «وكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والناس يصلون بصلاة أبي بكر» ووقع في روايةٍ عند ابن حِبَّان وغيره «فكان أبو بكر يأتمُّ بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، والناس يأتمون بأبي بكر» فهل يقول الشافعيون إن الصلاة بإمامين في وقت واحد جائز ومشروع؟ ألا يدل ذلك على أنه من خصوصياته عليه الصلاة والسلام التي لا يجوز لمسلم أن يقلده فيه؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>